Thursday 8 January 2015

ذات حياة



نَزَعَ قطعة الزجاج من قدميه العاريتين دون أن يبدو على وجهه الألم. لقد اعتاد هذا الأخير وصاحبه حتى انه يخيل لمن يراه انه بحاجة لزلزال كي يقهر أو حتى رصاصة حية. نظر لموضع الجرح فلم يجد دما يذكر. ابتسم في نفسه. والتقط مجموعة من المناديل ووقف بالإشارة بانتظار بيعها.

عاودته ذكرى امه من جديد .. لم يكن يذكر ملامحها ولكنه لم ينس ابدا دفقات الحنان التي كانت تغدقها عليه في هذا الصقيع. لم يرد الاستسلام لذكرياته .. فهناك تلك المرأة تراقبه وتدعي انها أمه .. لكنه أبدا لم يصدقها. فقط يخشى معارضتها فتسلمه لذي الحاجبين الكثين. لن يرحمه ان لم يتحرك بين العربات ليبتز عطف الناس فيشترون المناديل ثم يعطيه العائد كله آخر اليوم ليأمن نومته .. والعقاب.

فكر فيها كثيرا .. تبدوا وافدة جديدة .. ترى من أين جاءت هذه المرة .. انها دائما نائمة .. مريضة .. خشى عليها البرد والصقيع ولكنه لم يتوقف كثيرا عند هذا ايضا .. هكذا علمه الشارع .. الا يقف عند حزن او وجع .. أو عند الأخرين.

دار قرص الشمس واشتد الصقيع وخفت الحركة من الطريق. لملم حاجياته وذهب .. توقف في عرض الطريق يُسائِل نفسه ربما للمرة الألف .. هل يعود؟ كلا .. لن يعود .. لن يضحي بتعبه مقابل نومة مزرية في جانب الغرفة مع سبع واربعون طفلا آخرين. أتخذ طريقا آخر ومضى ..

اشتد البرد بالطرقات .. حاول الالتصاق بالحائط لعله يكون رفيقا به وتوارى عن الأعين.

بعد سويعات قليلة .. كان يعبر ذلك الشارع الضيق في صمت .. طرق الباب في حرص وعندما فتح له ذو الحاجبين الكثين .. هم أن يصرخ فيه بسبب تأخيره لكنه لم يأبه له او حتى يمنحه الفرصة.. فقط عاجله بحصيلة اليوم ومضى الى جانب الحائط في صمت وتكوم على نفسه كما الجنين الذي يخشى النزول الى العالم .. ونام.

                                                 تمت،،،


No comments: