Sunday 12 June 2011

محتاره


أعددت قدحاً من الشاى وفتحت جهاز الحاسب لأكتب ما يجول بخاطرى كما أردت عندما أنشأت تلك المدونه. ليس من عادتى أن أكتب على مكتبى وبجوارى قدح الشاى ومردتيه عويناتى .. فأغلب خواطرى كنت أكتبها وجهاز الحاسب على رجلى ومستلقيه فى الفراش بكسل وبجوارى فنجان القهوه المظبوط. اليوم أردت أن أتذكر ملامح والدى وهو يكتب. أحببت أن أقلده. فقد كان يكتب وهو جالس على منضدة السفره وأنا صغيره حيث لم يكن لدينا حجره للمكتب وقتها وكان يعد قدح شاى خفيف لنفسه ويجلس ليحضر درس لغه أو يسجل خواطره أو يعمل أى شئ أراد .. كانت جلسته المفضله فى الصاله أو فى البلكونه. أحببت اللغة العربيه منه. كان يعد لنا مسابقات لغويه .. فيجمعنا حوله ويعد جائزة رمزيه لمن يظل أطول فتره ممكنه يتحدث العربيه الفصحى دون أخطاء وكان من يخطئ وينطق بالعاميه يخرج من اللعبه حتى يتبقى أحدنا هو الفائز ويصبح فخورا بنفسه وبقوته فى اللغه. أحياناً كنا نضيق بتلك الألعاب ونشتاق للجرى والمرح ومحاكاة أقراننا .. لكننا كنا نسعد بالجائزه فى النهايه ونعد أنفسنا بالقراءه لنفوز نحن فى المره القادمه. كان ذلك وأنا جد صغيره وقبل سفره. بعدما سافر كنت أفقد إحدى أسنانى من الحزن فى كل مره يرحل بعد إنتهاء أجازته ، فهكذا كنت ولازلت ـ أفقد أسنانى أو تنشق إحداها إذا إستبد بى الحزن.
سافر والدى بعد أن غرس بداخلنا روح جميله أعجز عن وضع مسمى لها. وفى أثناء سفره .. تحمل أخى الأكبر العبأ فى تعليمنا المبادئ واللغه. كان نعم الأخ عن حق ولا زال. فخوفه علينا خاصة أنا وأخى الأصغر وإهتمامه بشئوننا هو إهتمام أب لأولاده . أب يكبرنا فقط بست وثمان سنوات. كان يقرأ لنا أحاديث الأربعون النوويه ويساعدنا على حفظها ويجزل لنا العطاء عندما نتم حفظ كل جزء منها.
أذكر أمى وهى تزرع بداخلنا الإعتماد على النفس والرغبه فى الإرتقاء بها والنجاح بل التفوق. خمسة أخوه ـ ثلاث أولاد وبنتان ـ  خرجوا للحياه بأهداف ثابته .. قد نحيد عنها أحيانا ولكننا دوما كنا نعين بعضنا على الرجوع لطريقنا الصحيح الذى رسمه كل منا لنفسه دون جبر أو قهر. تعلمت من أسرتى التراحم والتواصل والحب وإنكار الذات … ففى محيط الأسره .. الحديث يكون بـ (نحن) وليس بـ (أنا). أرى ذلك الأن بأم عينى وأنا جالسة أكتب .. أرى أخى وهو يحفظنا الأحاديث .. وأرى أبى وهو يقرأ علينا القرآن ويصلى بنا الفجر .. وأضحك من نفسى وأخجل أحيانا أخرى عندما كنت أستيقظ غاضبه فى الفجر لأنى أريد مزيدا من النوم .. ولكنها الأن أصبحت عاده .. حتى ليمر اليوم الذى لم أصل فيه الفجر الأن وكأنه يوم بلا شمس ولا معنى.
تغيرت الأن الأوضاع كثيراً .. فالشقه الصغيره أصبحت منزلا كبيرا بحديقه جميله .. والأولاد الخمس تزوج أغلبهم .. والأب ولأم أصبحوا أجداد لخمسة أحفاد وسادسهم فى الطريق. لكنى هنا فى بلاد الغربه أفتقدهم. ولكن يهون على أنه رغم تباعدنا فى البلاد والوظائف والمهام .. إلا إننا لازلنا متراحمين .. لازال يسأل بعضنا عن بعض .. ويقف كل منا بجوار الأخر ليدعمه .. نعم الأخوة لى كانوا ولا زالوا .. ونعم الأب والأم رُزِقت. أشتاق إليهم كثيراً وأحلم بالعوده .. لكنى أخاف الفشل فى مصر. أخاف بأن أصادف من يقوض طموحاتى ويطفئ كل شمعه أضيئها لتنفيذ فكره أو هدف.
أنا فى وقت الإختيار الأن. وما أصعبه إختيار .. فالعوده لمصر تعنى البدء من جديد.. بينما حيث أكون الأن متوفر لدى فرصتين للعمل لا واحده.
إذا حسبتها من حيث الفوائد والخسائر .. فأنا فى مصر سأستمتع من جديد بدفء العائله ومحبة ودعم من حولى وسأكون بجوار أبى وأمى. حقاً قد أبدأ من جديد ، لكنى لازلت فى السادسة والعشرون من عمرى وقادره على تلك البدايه رغم مرارتها فى حلقى. 
وأنا هنا فى هذا البلد سوف أستكمل عملى فى مجال أحبه ولن أضطر لخسارة خمسة أعوام غربه لكن حينها سيكون قرار الرجوع لنقطة البدايه مستحيل .. وقد أظل باقى عمرى بالخارج .. وهو مالا أتمنى. هناك شئ أخر .. فأنا حتى الأن لا أعلم إن كانوا سيقبلوا بى فى مصر أم لا.. فتلك ليست المره الأولى التى أتقدم لشغر وظيفه وأفاجأ برفضى رغم كل مؤشرات القبول التى كانت تشنف أذناى فى البدايه. حتى أنه ذات مره قال لى أحدهم أثناء المقابله الشخصيه أن أعد نفسى لأنى سأكون معهم ، ثم فوجئت بتعيين غيرى عند إعلان النتيجه.
أشعر بالحيره حقاً ، فقرارى هذا سيؤثر على مستقبلى .. هل أعود؟ هل أستمر ها هنا؟ هل أبدأ من جديد؟ أم أكمل ما بدأت بالفعل؟ سألعب دور المحتاره وأسأل .. ماذا تفعل لو كنت مكانى؟

17 comments:

موناليزا said...

عصفور فى الايد خير من عشرة على الشجرة
بنحب بلدنا اه لكنها حاليا غير مضمونة

انتى اختارى بين مستقبلك المهنى وبين رجوعك لأهلك

مها البنا said...

هو فعلا عصفور فى اليد خير من ١٠ على الشجره .. لكن العصفور ده خايفه قوى يبقى عصفور مهاجر
والكارثه ان الشجر فى مصر معليهوش عصافير اساسا

اللهم دبر لى فإنى لا أحسن التدبير

متشكره قوى لإهتمامك بالرد

دمتى بود

Anonymous said...

مها كلامك عن الأسره مؤثر جداً أنا حاسه قد إيه هما وحشينك و نفسك تبقي وسطهم دلوقتي بس الكلام ده كان من الأول دلوقتي فات آوان الرجوع و دي مش حاجه وحشه و لا حاجه أكيد ربنا رايد بيكي خير.
الشغل في مصر سيئ جداً خصوصاً لو حد راجع من بره و أنا صعبان عليه تركك لعمل تحبيه (وده شئ نادر) و كمان دراسه مش هيعترف بيها (بصراحه مش فاهمه ليه) كل دي أسباب تخليكي مسافره إلى أن تصلي لنجاح معين تقدري بعديه تنزلي مصر على فرصه مميزه مش أي حاجه.
ممكن أهلك يسافرولك و حاولي تنزلي كتير حتى لو الموضوع هيكلفك و ان شاء الله تتجمعوا على خير,

تحياتي ليكي و ربنل يهدي بالك

شيرين سامي

Anonymous said...

مها أولاً الدعاء لسيدنا يونس في بطن الحوت مش سيدنا يوسف.
ثانياً حاولي تلغي حروف التأكيد و تخلي التعليق في صفحة منفصله عشان يبقى أسهل و أعرف أعلق بإسمي:).

شيرين سامي

هبة فاروق said...

حبيبتى مها اعجبتنى جدا شكل المدونة وعايزة اقولك انى مستريحة نفسيا قوى وانا فيها لانى اعشق البحر مثلك تماما
ندخل فى الجد بقى الحل انك تصبرى وتستمرى عارفة ان الغربة قاسية وصعبة بس الاصعب انك تضيعى ما بذلتية من جهد هباء
تحياتى لكى بالتوفيق بأذن الله

Unknown said...

خلصي الأول
و بعدين تعالي
هانت يا مها .. هانت جداً
مش هتبقي مهاجرة ..
خلصي و ارجعي .

مها البنا said...

شيرين .. أولا جزاك الله خير على ملاحظة الخطأ فى الصوره .. أنا حذفتها لحد ما ألاقى فرصه وأعدلها أو أدور على غيرها.

بالنسبه للشغل فى مصر فمش هيعترف بيه لأنهم طالبين حد حاصل على بكالوريوس وكأن من يحصل على شهادات أعلى يعنى أنه لم يحصل على البكالوريوس.

المشكله ان الوضع فى مصر مخوفنى بجد .. مع إنى على قناعه تامه بأن لو كل حد قال يالا نفسى وسافر ومرجعش .. البلد دى عمرها ما هتتقدم ..

بس مش عارفه .. شكرا قوى على رأيك وأكيد هاخده فى اعتبارى وانا بتاخذ قرارى

أنا عدلت موضوع التعليقات .. يارب دوقتى تعرفى تعلقى باسمك

مها البنا said...

هبه فاروق

لما عملت المدونه .. كنت فعلا عاوزه استريح فيها .. أستريح من كل شئ

من ضغوط الغربه والدنيا والمشاكل .. حبيتها تبقى مكمله للطير المهاجر .. لكن زى ما الوجه الأخر للعمله بيكمل الأول منها

البحر فعلا نعمة الله فى الأرض .. والأجمل إنه ملك لكل الناس .. حاجه كده زى المياه والهوا .. حق لكل انسان. سعيده ان شكل المدونه عجبك.

فعلا الإستمرار فى الخارج أسهل عمليا من الرجوع .. لكن يظل حلم الأسره ودفئها يجعلنى متردده .. وكمان حاجه تانيه .. أنا فعلا نفسى أرجع مصر ومجهودى يبقى ليها مش لحد تانى .. بس خايفه انى أصلا ملقيش فرصه لبذل المجهود ده .. وأتحول لموظف عادى كل حلمه قبض مرتبه اخر الشهر وعلاوه جديده.

ده أصعب قرار هتخذه فى حياتى .. يمكن علشان المره دى هيأثر على شكل مستقبلى لأخر العمر

متشكره قوى على رأيك وأكيد لما انخذ قرار هبلغكم بيه.

مها البنا said...

شيماء

أنا فعلا مياله للرجوع .. لكن الخوف إذا سكن قلب إنسان .. أسكن معه الأرق والحيره والتردد عند اتخاذ القرار

اللهم دبر لى فإنى لا أحسن التدبير

Anonymous said...

It easy to success abroad but, the real success when the achievements are done within limited resources. Your home is in need for our efforts!

Tamer Elbana

مها البنا said...

تامر البنا !!

أخى الأكبر .. كنت لسه فى سيرتك فوق :)

الحقيقه النجاح صعب بره وجوه .. وزى ما قلت لشيرين .. لو كل واحد ساب البلد وسافر ومرجعش وقال يالا نفسى .. البلد دى عمرها ما هتتقدم

لكن لازم قبل ما ارجع اتاكد ان هيكون ليا دور .. هيكون فيه مكان ابتدى بيه

لأن برضه بلدنا مش هتقدر تستفيد باى مجهود لينا واحنا قاعدين فى بيوتنا

عموما قول يارب وسلمها لله

اللهم دبر لى فإنى لا أحسن التدبير

Emtiaz Zourob said...

اولا كثير حلو جو العائلة اللي تحدثتي عنه في بداية المقال ، رجعتني لسنوات ماضية في حياتي .. كمان فكرة اللغة العربية الفصحى تذكرني بطفلتي راما التي تتحدث الفصحى بطلاقة ولا تعرف من العامية إلا القليل والفضل يرجع لله ثم قناة براعم للاطفال @
بالنسبة لحيرتك ، انصحك بأن تكملي مشوار تعليمك وحصولك على الدكتوراه اولا ثم العودة إلى مصر والعمل .. امامك متسع من الوقت ،، عودي بالدكتوراة أفضل من العودة بلا شيء ..، اتمنى من الله أن يوفقك في حياتك العلمية والعملية وان تنتهي لما هو فيه الصالح لك .. لا تستعجلي في اتخاذ القرار لانه قرار مصيري ، وانصحك ايضا بصلاة الاستخارة
وربنا يقدم اللي فيه الخير لك اختي العزيزة

ابراهيم رزق said...

اختى الفاضلة

انا كان لى اب و كان رئيس محكمة
ستين سنة فى قضية واحدةاترمى
ستين سنة و طلع براءة و خرج
يشكى الحياة و الموت لرب السما
عجبى

انصحك ان تكملى دراستك لكن ضعى فى اعتبارك العودة فور انتهائها احذرى احذرى ان الغربة تأكلك الحياة ليست دراسة فقط و نجاح عملى احذرى احذرى قد تأخذنا امواجها الى اماكن تبدو جميلة لكنها فارغة متوحشة
اعجبتنى ذكرياتك و يارب يتلم شملكم مرة اخرى و تتجدد

تحياتى

Noha Saleh said...

خلصى الاول وبعدين تانى مصر دللوقتى اعتصامات وبس
عجبنى اوى البوست ده كلامك عن الاسرة والذكريات رجعنى افتكر ذكريات طفولتى الجميلة

مها البنا said...

وجع البنفسج

ما شاء الله على راما .. ربنا يباركلك فيها .. فعلا قنوات الأطفال دوقتى على ما بشوف بتستخدم الفصحى فى أغلب الكارتون .. وده من وجهة نظرى رائع فى تقريب المفاهيم بين الشعوب العربيه كلها (مع إحتفاظ كل شعب بلكنته الخاصه ومذاقه المحبب فى اللغه) .. لكن روعته إن كل عربى هيكون قادر على فهم الأخرين دون مجهود :)

انا متشكره قوى على رأيك .. قولى يارب :D

مها البنا said...

إبراهيم رزق ..

جزاك الله خيرا على النصح الطيب .. وبإذن الله مفيش غربه للأبد .. لأنى مش من أنصار الهجره

دمت فى حفظ الله

مها البنا said...

نهى صالح ..

عودا أحمدا بعد طول غياب

مفيش أجمل من زكريات الطفوله .. هى التى صح فيها قول الشاعر ..

ألا ليت الشباب يعود يوماً ههههه

دعواتك يا قمر ان ربنا ينور بصيرتى ويهدينى الصواب

ومتختفيش تانى .. وحشتنى موضوعاتك